اعتبر محمد بنحمو رئيس المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية، أن المغرب يواجه تهديدات أمنية خطيرة جداً، مؤكدا أنه لا يمكن للمملكة أن تجيب عن السؤال الأمني الحارق لوحدها، لذلك لابد من تعاون إقليمي جاد وفعال وصريح.
وسجل رئيس الفدرالية الإفريقية للدراسات الاستراتيجية في حوار مع هسبريس، أن "المغرب يعتبر هدفا مثاليا للحركات المتطرفة لانه منفتح وله تجربة متفردة"، مشددا على أن هذه الحركات تسعى إلى استغلال المرحلة الحساسة التي تمر منها المنطقة لفرض منطق الأرض المحروقة والعودة بشعوبها إلى أزمنة انتهت.
إلى ذلك نبه بنحمو في ذات الحوار، إلى وجود تقاطعات للبوليساريو مع الجريمة المنظمة وتهريب المخدرات والأسلحة، مشيرا في هذا الاتجاه إلى ما تمثله الحركة الانفصالية من تهديد للمنطقة بسبب العودة الكبيرة لمقاتليها الذين حملوا السلاح إلى جانب العقيد معمر القذافي في حربه على الشعب الليبي وما نتج عن ذلك من استفادتهم من المال والأسلحة".
تعيش المنطقة التي يتواجد فيها المغرب العديد من القلاقل الأمنية، هل يمكن تحديد أسباب ذلك؟
هناك عدة أسباب من بينها ما تعرفه هذه المنطقة من تحولات عميقة، وعدم استقرار ناتج عما دخلت فيه عدد من هذه البلدان وخصوصا تونس ومصر وليبيا، من تحول صعب ومرحلة انتقالية عسيرة لم تنته بعد، أضعفت دور الدولة، وخالقة بذلك فراغات أمنية كبيرة، والمنطقة تعيش كذلك تدعيات وتحولات جيوسياسية عميقة سببت في انكسار استراتيجي كبير، الأمر الذي أدى إلى انهيار التوازنات القائمة في المنطقة بانهيار الأنظمة.
وفي هذا الاتجاه نتج عن ذلك تدفق كبير للأسلحة وخصوصا مع الحرب الليبية التي أنتجت لنا تجنيدا وانخراطا للعديد من المقاتلين الذين استعملهم العقيد معمر القذافي في حربه ضد الشعب الليبي، وما نتج عن ذلك من استفادة للعديد منهم من الإمكانيات المالية المتوفرة الأمر الذي أفرز فراغات أمنية.
ونحن نعلم أن الفراغ الأمني ملاذ أمن لكل الحركات الراديكالية، والجريمة الدولية المنظمة، هذا إذا ما أضفنا إلى كل هذا قرب منطقة شمال إفريقيا، من منطقة الساحل والصحراء، وهي المنطقة التي تعرف أزمات مزمنة وهشاشة أمنية كبيرة وبها دول بعضه يصنف في خانة الدول الفاشلة بسبب شساعتها الجغرافية، الأمر الذي يجعل جزءا كبيرا منها خارج سيطرة سلطتها، وبالتالي هذه الفراغات تستخدم في جريمة المنظمة من قبل الحركات الراديكالية، كما علينا الأخذ بعين الاعتبار وجود حركات انفصالية مسلحة في المنطقة ولها مليشيات نشيطة في التهريب والجريمة العابرة للحدود.
في هذا الاتجاه، أي تأثير لجبهة البوليساريو الانفصالية كواحدة من هذه الحركات التي تحدثت عنها في زعزعة الاستقرار في المنطقة؟
أعتقد أنه حان الوقت لتكون التفاتة قوية للأعمال التي تقوم بها البوليساريو في المنطقة، لأننا نعلم تأثيرات الحادث المؤسف المتمثل في اختطاف رعايا أوربيين من مخيمات تندوف، وأن هناك تقاطع لعناصر من البوليساريو مع الجريمة المنظمة وتهريب المخدرات والأسلحة، كما أن هناك عودة كبيرة لمقاتلي البوليساريو الذين حملوا السلاح إلى جانب القذافي في حربه على شعبه واستفادوا من ذلك من المال والأسلحة.
وبالتالي فالفضاء الساحلي الصحراوي هو فضاء للأسف بهشاشات متعددة وبفاعلين محليين وإقليميين متعددين كذلك، بما فيهم الحركات الانفصالية، وهذا التقاطع للبوليساريو مع هذه الجماعات يتأكد من خلال ما استغلال الشباب بتندوف نتيجة لفقدان الأمل وغياب أي نظرة للمستقبل الذين يوجدون في وضعية حرمان كبيرة جداً وفي ظروف قاسية ثم ما يفرضه عليه البوليساريو من سلطة وما يرافقه من حصار جزائري تجعل هؤلاء بدون مستقبل ولا أمال، وبالتالي ارتماؤهم في أحضان الحركات المتطرفة والراديكالية والانخراط في الجريمة المنظمة يعتبر فرصة لبعضهم لتحقيق ذاته وللخروج من جحيم تندوف.
يمكن القول من خلال كلامكم أننا كبلد لسنا في منأى عن هذه التهديدات؟
المغرب أمام تهديدات أمنية خطيرة جداً، وهو نفس الأمر بالنسبة لمجموع دول المنطقة، لكنها ذات طابع غير متوازي وتقوم بالأساس على جماعات ومجموعة وخلايا متعددة، لذلك يظل التهديد الأمني قائم بشكل كبير ولا يمكن للمغرب أن يجيب عن السؤال الأمني الحارق لوحده، وبالتالي لابد من تعاون إقليمي جاد وفعال وصريح تنخرط فيه جميع دول المنطقة دون استثناء، ويقوم على وعي جماعي يؤكد على أن الخطر جماعي وبالتالي يجب أن يكون الرد في هذا المستوى.
وكيف يمكن تحقيق ذلك ونحن نرى موقف الجزائر من التعاون مع المغرب في هذه القضايا ذات الاهتمام المشترك والتي تشكل خطرا على الدولتين؟
للأسف الشديد رغم أن التهديدات قائمة لكن المغرب والجزائر لهما مقاربتين مختلفتين، فالمقاربة التي يتبعها المغرب ليست هي نفسها التي تتبناها الجزائر، فإذا كانت المملكة تتبنى تعاونا مفتوحا واندماجيا مع جميع الأطراف ودون إقصاء لأي منها فإن الجارة الشرقية لها مقاربة انتقائية تتعامل من خلال مع دول وتقصي أخرى وفي مقدمتها، المغرب، وهدفها في ذلك فرض نفسها على الدول الغربية كمحاور رئيسي في كل ما يتعلق بالمسائل الأمنية.
لكن الأكيد أن هذا الوضع لا يساهم في إقامة تعاون حقيقي وجدي، واستمرار الوضع الشاذ بين البلدين والمتمثل بالأساس في غلق الحدود يفوت الفرصة على الجميع في عدم تتبع والتدقيق في تطور نشاط هذه الحركات في المنطقة الأمر الذي يجعل التهديد قائم.
لماذا المغرب مستهدف أمنيا في نظركم رغم أنه بعيد نسبيا عن منطق التنازع والنزاع؟
المغرب يعتبر هدفا مثاليا لهذه الحركات المتطرفة لانه منفتح وله تجربة متفردة، وموقعه الجغرافي المتميز والقريب من أوربا، بالإضافة إلى الاختيار الديمقراطي الذي يسير والبناء المجتمعي والمؤسساتي، كل هذا يجعله مطلوبا من قبل هذه الجماعات.
وبالتالي يمكن القول أن التجربة المغربية كلها مستهدفة من طرف الحركات الراديكالية التي تسعى إلى استغلال المرحلة الحساسة التي تمر منها المنطقة لفرض منطق الأرض المحروقة والعودة بشعوبها إلى أزمنة انتهت.
الأستاذ بنحمو في نظركم هل يمكن حل هذه الإشكالات الأمنية عسكريا؟
كل مقاربة تقوم على العمل العسكري لن تعطي ثمارها ولن تحل الإشكاليات الكبيرة للمنطقة، نحن أمام وضع أمني معقد ومركب ويعرف تداخل العديد من الفاعلين وعلى رأسه الحركات والجماعات والمجموعات الإجرامية والراديكالية التي لها القدرة الكبيرة على التأقلم والتعبئة والذوبان داخل الأنسجة المجتمعية مما يسهل نشاطها وعملها حيث تلعب على الفجائية في عملياتها وبالتالي هدفها هو زرع الرعب عن طريق أكبر عدد من الضحايا.
وبالتالي لن تنفع العمليات العسكرية لأننا أمام عدو يتقدم خلف قناع له قدرة كبيرة على تغيير صورته في كلما يتعلق بالتجنيد وتسهيل العمل بين مكوناته.
وبالتالي نحتاج بالإضافة إلى العمل الاستخباراتي الفعال والقوي المبني على التعاون لإحباط أي عملية تهدد استقرارا وأمن المنطقة، العمل التنموي والاقتصادي.
0 التعليقات:
إرسال تعليق