click here

click here

Click here

Click here

Click here

Click here

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

Translate

آخر التعليقات

الأربعاء، 29 يناير 2014

جميلي: تحرير القطاع الصحي بالمغرب ستكون له عواقب كارثية


جميلي: تحرير القطاع الصحي  بالمغرب ستكون له عواقب كارثية

مَناطقُ ظلّ عديدةٌ ما زالت تكتنف مشروع وزارة الصحّة الساعي إلى فسْح المجال أمام المستثمرين الخواصّ لإنشاء مصحّات خاصّة، وإن كانوا من غير مزاولي مهنة الطبّ؛ ففيما يرى وزير الصحّة أنّ هذا المشروع سيُفضي إلى تقريب الخدمات الصحّية إلى المواطنين، وتجويدها، يرى متتبّعون أنّ النتيجة ستكون عكس ذلك.
في السطور الآتية يتحدث الدكتور عبد الرفيع جميلي، اختصاصيّ في أمراض وجراحة الدماغ والأعصاب والعمود الفقري، والرئيس السابق لقطاع جراحة الأعصاب والرأس بالمركز الاستشفائي لأكادير، والذي راكم تجربة 17 من العمل في القطاع الصحّي، (يتحدث) عن هذا المشروع، الذي اعتبر أنّ نتائجه ستكون "كارثية".
من أين سيأتي المستثمرون بالأطباء والممرضين؟
يُشرّح الدكتور جميلي الوضع العامّ للقطاع الصحّي في المغرب، ويقول إنّ النهوض بالقطاع يستدعي أوّلا الوقوف عند الاختلالات التي يعاني منها القطاع، والمتجلية في اندحار الخدمات الصحيّة المقدمة للمواطنين في المستشفيات والمراكز الصحية العمومية، والعشوائية التي يتميّز بها القطاع الخاصّ، وضعف الولوج إلى الخدمات الطبيّة، في ظلّ عدم توفّر المواطنين على الامكانيات المادّية.
من هذا المنطلق، يتساءل الدكتور جميلي "هل يستطيع مشروع فتح المجال أمام الخواص للاستثمار في المصحات الخاصّة، أن يساهم في حلّ جُزءٍ من هذه المشاكل؟"، ويجيب "المشروع في حدّ ذاته جيّد، لكنّ نجاحه رهين بالتوفّر أولا على شروط النجاح، أمّا إذا طُبّق حاليا، وبالعجلة التي يتمّ الدفع بها نحو تطبيقه، فإنّ ذلك سيفضي إلى كوارث، لأنّ المغرب ليس مُؤهلا، في الوقت الراهن، لتطبيق مشروع من هذا النوع".
ويتساءل: "إذا سلّمنا أنّ المشروع طُبّق، فإنّ السؤال المطروح بإلحاح، هو: من سيعمل في هذه المصحّات في ظل وجود نقص 6000 طبيب و 12 ألف ممرّض في الوقت الراهن؟؛ في ظلّ هذا النقص المهول في عدد الأطباء والممرضين، والذي يعترف به وزير الصحّة نفسه، سيكون أمام المستثمرين في المصحات الخاصة ثلاثة حلول".
يتمثّل الحلّ الأول، يضيف المتحدث، في اللجوء إلى الأطبّاء والممرّضين العاملين في المستشفيات العمومية، وبالتالي، إفراغ المستشفيات من الأطبّاء والممرّضين، أو اللجوء إلى العمالة الأجنبية، "التي سيتمّ اللجوء إليها لا محالة، في ظلّ النقص الذي يعرفه القطاع الصحي في عدد الأطباء والممرضين، لأنّ المستثمرين لن يدعوا مشاريعهم مغلقة"، أما الحل الثالث، فيتمثل في اللجوء إلى المهنيين ضعيفي التكوين، "وفي الحلّين الثاني والثالث خطر على صحّة المواطنين"، يشرح جميلي.
عدم استقلالية القرار الطبّي
خلال منتدى وكالة المغرب العربي للأنباء الشهري، خلال شهر دجنبر الماضي، شدّد وزير الصحة الحسين الوردي، على أنّ أصحاب رساميل المصحّات الخاصّة ملزمون بأن تكون إدارة المصحّات مكوّنة من الأطباء، الذين سيتمتّعون باستقلالية القرار، سواء في ما يتعلّق بالموارد البشرية، أو التجهيزات الطبية، وكل ما له علاقة بالعلاجات.
ما وعد به وزير الصحّة، يرى الدكتور جميلي، أنّه غير قابل للتطبيق على أرض الواقع، إذ يرى أنّ صاحب رأس المال هو الذي سيعود إليه القرار النهائي، وهو الذي سيشرف على شؤون المصحّة من الألِف إلى الياء، سواء فيما يتعلق بالعلاجات، أو اختيار نوعية الآلات الطبيّة المستعملة داخل المصحّة، أما مدير المصحّة، وإن كان طبيبا، كما ينصّ على ذلك مشروع وزارة الصحّة، فهو في نهاية المطاف ليس سوى موظف لدى صاحب رأس المال.
"لا يمكن أن نصدّق أنّ مستثمرا سينفق الملايير على تشييد مصحّة، ويقول للمدير اعمل ما تراه مناسبا"، يقول الدكتور جميلي، مضيفا "الذي سيحدث هو أنّ صاحب رأس المال سيتدخل في كلّ صغيرة وكبيرة، لأنّ الأمر يتعلق بمشروع يهدف من وراء خلقه، في المقام الأوّل، إلى الربح المادّي، وإذا رفض مدير المصحة الامتثال لأوامر صاحب رأس المال سيطرده ويأتي بمن يقبل الخضوع للأوامر".
وعلى عكْس ما قاله وزير الصحّة، من كون فتح الباب لغير الأطباء للاستثمار في القطاع الصحي، هدفه هو تجويد الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، وتقريبها إليهم، فإنّ الدكتور جميلي يرى أنّ عدم استقلالية القرار الطبّي، داخل المصحات، بعد فتح المجال أمام الخواصّ، ستكون له نتائج سلبيّة على جودة العلاجات، "بالنسبة للآلات مثلا، سيلجأ أرباب المصحات إلى اقتناء أرخص ما يوجد في السوق، أما العلاجات، فصاحب رأسمال سيبحث دوما عن الطبيب الذي يطلب ثمنا منخفضا".
إضعاف المؤسسات الصحيّة العمومية
من بين الأهداف الأخرى التي يأمل وزير الصحة أن يحققها مشروع فتح باب الاستثمار في المصحات الخاصة أمام الخواصّ، تقريب الخدمات الصحية إلى المواطنين، خصوصا في ظل استحواذ محور الدار البيضاء-الرباط على أغلبية المصحات الخاصّة؛ في هذا السياق يقول الدكتور جميلي، إنّ المستثمرين لن يستثمروا أموالهم في مناطق نائية، أو مدن صغيرة، بل سيبحثون عن مناطق فيها أرباح، وبالتالي، ستظلّ الخدمات العلاجية مركّزة في المدن الكبرى.
جميلي يذهب أبعد من ذلك ويقول، إنّ ما سيحدث مستقبلا، هو أنّ الدولة سترفع يدها، تدريجيا، عن قطاع الصحّة، ففي المستقبل لن يتوجّه الأطباء بعد التخرّج من كليّات الطبّ إلى العمل في المستشفيات العمومية، بل سيُيَمّمون شطر المصحّات الخاصّة، وبالتالي، ستزداد حالة المستشفيات العمومية، التي تعاني حاليا خصاصا كبيرا في الأطباء والممرضين، سوءا وتدهورا.
ويرى الدكتور جميلي، أنّ علاج معضلة تردّي الخدمات الصحّية المقدمة للمواطن المغربي، يجب أن ينطلق من الرقيّ بالخدمات التي تقدمها المستشفيات العمومية، أولا وقبل كل شيء، موضحا "يجب أن تتوفّر لدينا مستشفيات عمومية في المستوى أولا، مستوى ما يوجد على سبيل المثال في بعض الدول المقارنة، مثل تونس والأردن، دون الحديث عن الدول المتقدمة، تقدم خدمات طبية في المستوى".
وبخصوص ما إن كان الأطباء يعارضون فتح المجال أمام الخواصّ للاستثمار في القطاع الصحّي، "خوفا من المنافسة"، قال الدكتور جميلي إنّ هذا الكلام "لا أساس له من الصحة"، مضيفا "هذا نوع من التضليل، فنسبة عدد الأطباء المساهمين في رساميل المصحات الخاصّة لا تتعدى 1 في المائة، وبالتالي فلن تعارض النسبة الباقية من الأطباء المشروع دفاعا عن واحد في المائة".
وذهب إلى أنّ الأطباء، على العكس من ذلك، سيكونون أكبر مستفيد من فتح باب الاستثمار في القطاع أمام الخواصّ، "فمن الناحية المادّية، سيكثر الإقبال على الأطباء، خصوصا من أصحاب التخصّصات القليلة، وسيربحون أكثر، كما أنهم سيتخلّصون من ضغط التعامل مع المرضى؛ ففي الوقت الراهن، يكون الطبيب على علاقة مباشرة بالمريض، حتى فيما يتعلق بمصاريف العلاج، وعندما يدخل الخواصّ إلى الميدان، سيجد المريض نفسه أمام الإدارة وجها لوجه، وسيتخلص الطبيب من هذا الضغط".
ويخلص الدكتور جميلي، إلى أنّ القطاع الصحّي بعد "تحريره"، سيؤول إلى ما آل إليه قطاع التعليم، "ففي ظل ضعف المدرسة العمومية، صار كل من يملك وسائل مادّية يسجّل أبناءه في مدارس التعليم الخاصّة، وهذا ما سيحدث أيضا في القطاع الصحّي، إذ سيتدهور مستوى الخدمات العلاجية المقدمة للمواطنين أكثر، في المستشفيات العمومية، ومن ثمّ من يملك الوسائل المادية سيلجأ إلى المصحات الخاصّة، ومن لم تسعفه إمكانياته، فستتدهور الخدمات المقدمة لهم أكثر، داخل المستشفيات العمومية".

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More