click here

click here

Click here

Click here

Click here

Click here

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

Translate

آخر التعليقات

الثلاثاء، 28 يناير 2014

العلاقات المغربية - الألمانية ما بين 1912 و 1956

العلاقات المغربية - الألمانية
ما بين 1912 - 1966 
المحور الأول : العلاقات المغربية -  الألمانية ما بين 1912 و 1956  
إنه لمن الصعب الحديث عن العلاقات بين المغرب و ألمانيا دون استحضار الأسس و المحددات التاريخية التي انبنت عليها هذه العلاقات الضاربة في التاريخ التي يرجعها المؤرخون إلى سنة 1784 حين عين الإمبراطور " فريدريك الأكبر- Frédéric le grand " قنصله في المغرب، إلا أن علاقات ألمانيا بالمغرب لم ترق رغم ذلك إلى المستوى الذي يمكن معه الحديث عن علاقات دبلوماسية ثنائية خلال هذه الفترة الزمنية، بل إن هذه العلاقات تكاد تكون منعدمة قبل سنة 1873 خاصة و أن ألمانيا كانت منشغلة آنذاك ببناء إمبراطوريتها في أوربا، كما أن صناعتها لم تكن قد وصلت إلى مرحلة متطورة تتطلب البحث عن أسواق خارجية 1 بالإضافة إلى أن ألمانيا كانت تعتبر منطقة  آسيا و أمريكا و جزء من إفريقيا مناطق   " أعشاش الصنابير" 2 .
وابتداء من سنة 1817 دعت ألمانيا إلى ضرورة فتح قنوات للتمثيل الدبلوماسي في المغرب، لكن المغرب كان ينهج آنذاك سياسة الاحتراز من القوى الأوربية لم يستجب لهذه الدعوة الشيء الذي دفع الجانب الألماني إلى طرح الفكرة من جديد سنة 1852 ، حيث قام القنصل العام الروسي المقيم في إسبانيا والبرتغال بزيارة إلى طنجة للوقوف عن كتب على الأهمية الإستراتيجية و الاقتصادية و السياسية التي يكتسيها المغرب بالنسبة لألمانيا، وكذا بحث سبل إقامة تمثيل دبلوماسي ألماني في طنجة. لكن هذه المبادرة لم تلق أي تمثيل من طرف المخزن المغربي مما جعل العلاقات بين البلدين إلى حدود سنة 1869 تتسم بالغياب التام لأي تمثيل دبلوماسي و بالتالي غياب علاقات التبادل الاقتصادي و التجاري 3    .
إلا أن التحول العميق في البنيات الإنتاجية الذي ستعرفه ألمانيا فيما بعد ، وتحولها من دولة زراعية إلى دولة صناعية ذات رغبة قوية في الأسواق الخارجية و اليد العاملة، بالإضافة إلى الأهمية الإستراتيجية   والسياسية للمغرب المجاور للجزائر "الفرنسية" كشفت للمستشار الألماني "بسمارك" عقب حرب سنة 1870 أهمية ربط العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، مما جعله يبادر إلى اتخاذ قرار بفتح القنصلية الألمانية بطنجة سنة 1872 وهو الأمر الذي أعلن عنه بصفة رسمية  سنة 1873، و هكذا فقد عهد إلى" فـون كـولـيتش-  Von Gulich " بمهمة تمثيل ألمانيا لدى البلاط المغربي، وقد صادف هذا التعيين وفاة السلطان المولى محمد بن عبد الرحمان مما جعل ألمانيا تؤجل إرسال قنصلها وبقائه في جبل طارق في انتظار تنصيب السلطان الحسن الأول .
وقد عرض "كوليتش" على السلطان مساعدة ألمانيا لتكوين جيش مغربي عصري وتزويده بالعتاد الحربي و القيام بإصلاحات أخرى تهم خطوط السكة الحديدية و التلغراف. إلا أن ألمانيا لم تلبث أن غيرت "كولي تش" وعوضته بقنصلها العام السابق في بيروت  تيودور ويـبـر  Théodor Weber  "الذي يجيد اللغة العربية وذلك في شهر أكتوبر من نفس السنة (1873) .
وقد اهتم القنصل الألماني الجديد بتنظيم القنصلية الألمانية في طنجة و تزويدها بأطر جديدة وكتاب و مساعدين كان من أبرزهم "منصور ملحمة " الترجمان السوري الجنسية الذي عاش في المغرب حوالي ربع قرن و "الحاج علي بوطالب" إبن أخت الأمير عبد القادر الجزائري، وقد تقدم السفير الجديد لتقديم السلام للسلطان في مدينة فاس صيف  سنة 1877، وقد حمل معه من الهدايا للسلطان آلة لصنع الثلج" مما مهد حسب بعض المؤرخين للحديث عن إبرام معاهدات اقتصادية 4  .
وبصفة عامة بدأت تتزايد المصالح الألمانية بالمغرب، وبدأ المغرب بدوره يحتاج إلى بعض المواد المصنعة و المدفعية اللازمة لتسليح وتحديث جيشه ، وكانت مدفعية"كروب" )الألمانية(  هي أشهر مدفعية في العالم في ذلك الوقت، ولقد اتصل الحسن الأول بألمانيا سنة 1877 و أرسل سفارة "السي بن سليمان" وكلفه بالاتصال بمصانع الأسلحة الثقيلة بألمانيا، وفي نفس السنة عهد السلطان إلى "الحاج  العربي بريشة " باقتناء كمية من الأسلحة من ألمانيا حيث زوده " ويبر" بقائمة عناوين  المصانع الألمانية وخاصة مصانع    " دار كروب Krupp " التي زار ممثلها المغرب في السنة الموالية 1878) ( وبعده ابنكروب" نفسه فيما بعد 5 . و جوابا على سفارة "ويبر" بعث السلطان المغربي الحسن الأول في شهر ماي 1878 سفارة مغربية برئاسة قائد مدينة أسفي " الطيبي ابن هيمة " مصحوبا بأحد القواد وبخمسة مقدمين وكاتب وعدل و عدد من المساعدين.
وقد هدفت سفارة "بن هيمة" إلى إبرام معاهدة تجارية مع ألمانيا وإرسال بعثة عسكرية، وفي أعقاب هذه السفارة مباشرة ورد على المغرب مبعوث تجاري ألماني(conring) للوقوف على حاجيات المغرب 6 .
 وفي سنة 1884 بعث السلطان " الحاج محمد بركاش" 7 النائب السلطاني في دار النيابة السعيدة الذي أصبحت تربطه بالإمبراطور الألماني علاقة صداقة قوية .
و سيتم تعويض " Weber " بوزير مفوض جديد هو البارون  "شارل طيسطا- " Cl. Testa وذلك في شتنبر 1885 و الذي كـان يعمل في السفارة الألمانية في القسطنطينية حيث كان معروفا في  العالم الإسلامي، وقد تم  تعويضه بسبب مرض منعه من متابعة نشاطه بالبارون" طرافيرس - Travers " في أكتوبر 1887، لكن هذا الأخير لم يطل مقامه أيضا بالمغرب بسبب حالته الصحية حيث حل محله في يونيو 1888 ممثل دبلوماسي جديد إسمه " والـدتوزون-Waldthausen " [1] .
وبوفاة الإمبراطور "كيوم الأول" وتسلم الإمبراطور" كيوم الثاني" الحكم أرسل السلطان المولى الحسن الأول في 22  يناير  1889 بعثة دبلوماسية برئاسة عامل الشاوية عبد السلام بن رشيد الحريزي مصحوبا بالحاج محمد الزكاري و أربعة ضباط و كاتب،  وقد ساعدت هذه السفارة على حصول مزيد من التقارب الألماني المغربي حيث سيصدر الإمبراطور "كيوم الثاني" أمرا بتعيين وزير مفوض جديد بطنجة في مارس 1889 وهو السفير" طاطينباخ Tattenbach  " الذي كان له دور بارز في إعطاء نفس جديد للعلاقات الألمانية المغربية، حيث سيوقع بفاس على الإتفاقية التجارية بين البلدين في فاتح يونيو 1890 ،    وسيشرف على اقتناء المغرب من ألمانيا ثلاثة سفن تحمل إسم "سيدي التركي" و" الحسني "               و " البشير" [2] .
وقد انتهت مهمة " طاطينباخ" سنة 1896 ليعوضه "شينك-Schenck " الذي سيعقبه"فون مانتزينجن-"Von Mentzingen في 24 أبريل 1899 و الذي سيحظى بعناية كبيرة من طرف السلطان المولى عبد العزيز الذي خلف والده السلطان المولى الحسن الأول الذي توفى سنة 1894 [3] . وقد كانت التحرشات الفرنيسة على الحدود الشرقية سببا في البحث مرة أخرى عن مساعدة ألمانيا حيث تم إرسال سفارة إلى الإمبراطور الألماني برئاسة " المهدي المنبهي" صحبة  " الحاج عمر التازي" وعدد من المساعدين [4] .
وقد توجت العلاقات المغربية الألمانية خلال هذه الحقبة بزيارة الإمبراطور الألماني "كيوم الثاني" لطنجة في 31 ماي 1905 إبان الجولة التي كان يعتزم  القيام بها في البحر الأبيض المتوسط التي كانت تهدف إلى التعبير عن انشغال ألمانيا بالقضية المغربية وتحسيس القوى الاستعمارية بذلك خاصة مع تزايد الأطماع الفرنسية و البريطانية حول المغرب.
وقد تصاعدت الأحداث في المغرب إلى حد المناداة ببيعة المولى عبد الحفيظ بدلا من أخيه السلطان المولى عبد  العزيز الذي أعلن عن تنازله على العرش في غشت 1908 ، وقد بعث السلطان الجديد بسفارة إلى برلين برئاسة " محمد بن عزوز مرفوقا " بالهاشمي العبدي" ابن وزير خارجيته "عيسى بن عمر العبدي" بالإضافة إلى بعض المساعدين والكتاب.
وفي يوليوز 1911 تحركت ألمانيا عسكريا بإرسال سفينتها الحربية "بانثر- Panthère " إلى أكادير للتشويش على فرنسا التي تدخلت بفاس بدعوى إقرار الأمن و النظام، لكن سرعان ما انسحبت ألمانيا بعد أن حصلت من فرنسا على ما كانت تريده من مطامع حيث تم التوصل إلى اتفاق تتخلى بموجبه ألمانيا عن لعب أي دور بالمغرب مقابل تعويض ترابي على حساب الكونغو و الغابون محصلة بذلك على منفذ بحري لمستعمراتها في الكامرون [5] .
وهكذا فقد تخلت ألمانيا عن المغرب و تركت فرنسا طليقة تنفرد به و تفرض عليه التوقيع على معاهدة الحماية في 30 مارس 1912.
هذا إذن، جرد تاريخي مركز للعلاقات الألمانية المغربية قبل سنة 1912 التي تميزت بكونها علاقات اقتصادية أكثر منها سياسية، تتحكم فيها الاعتبارات الاقتصادية و التجارية بالدرجة الأولى، كما أن هذه العلاقات كانت متضاربة الأهداف ، فكل طرف كان يسعى من وراء هذه العلاقات إلى خدمة مصالحه الخاصة، لذلك فإن ألمانيا كانت تتخذ المغرب وسيلة لا غاية ، وسيلة لتحقيق التوازن  لسياستها و تأمين مصالحها الحيوية بالمغرب. وقد تم التعبير بشكل مباشر عن ذلك من طرف الدبلوماسية الألمانية ومن طرف المسؤولين السياسيين الألمان، وهذا ما يفسر سرعة تخلي ألمانيا عن المغرب قبيل توقيع معاهدة الحماية مع فرنسا.
ومن المؤرخين [6] من يرى أن العلاقات بين المغرب و ألمانيا توقفت عند هذه الفترة، وهذا ما يحيلنا على طرح تساؤل مشروع مفاده: كيف يمكن الحديث عن العلاقات بين البلدين بعد 1912 السنة التي فرضت فيها على المغرب معاهدة حماية تنص مادتها السادسة على أن ممثلو  فرنسا الدبلوماسيون و القنصليون يقومون وحدهم بتمثيل المصالح و الرعايا المغاربة في الخارج، و أن السلطان لا يمكنه أن يعقد اتفاقا ذو طبيعة دولية دون الحصول مقدما على موافقة الحكومة الفرنسية.
هذا بالإضافة إلى أن التمثيل الدبلوماسي و العلاقات الرسمية بين الدول هي مظهر من مظاهر السيادة التي تتمتع بها هذه الدول و هذا ما كان يعوز المغرب في تلك الحقبة.
لذلك سنتناول بالتحليل جميع العلاقات التي جمعت الحكومات الألمانية المتعاقبة مع المغاربة على المستوى الاقتصادي و على المستوى الثقافي و الإعلامي و على المستوى السياسي  وذلك في ثلاثة مباحث.

المبحث الأول: الجانب السياسي في العلاقات المغربية الألمانية ما بين 1912 و 1956

يمكن تقسيم العلاقات السياسية المغربية الألمانية خلال هذه الفترة إلى خمسة حقب تاريخية حسب تنوع الحكومات الألمانية  المتعاقبة، وذلك في خمسة فقرات كما يلي :
الفقرة الأولى : ألمانيا و المغرب في عهد جمهورية فيمار- (1912-1933) .
الفقرة الثانية  : العلاقات المغربية الألمانية خلال فترة الحكم الألماني النازي)1933-1939(.
الفقرة الثالثة  : العلاقات المغربية الألمانية ما بين 1939-1914 .
الفقرة الرابعة : العلاقات المغربية الألمانية ما بين 1940 و 1945 .
الفقرة الخامسة: العلاقات الغربية الألمانية ما بين 1945 و 1956 .

الفقرة الأولى : ألمانيا و المغرب في عهد جمهورية فيمار- Weimar (1933-1919)
نتيجة لآنهزام الإمبراطورية الألمانية في الحرب العالمية الأولى سقط النظام الملكي الذي كان قائما في ألمانيا و انتقلت السلطة إلى الحزب الاشتراكي  الديمقراطي المعارض الذي أصدر دستورا جديدا للبلاد  في مدينة " فايمار- Weimar  في غشت 1919 .
كما أجبرت الحكومة الألمانية في مؤتمر الصلح المنعقد بباريس على توقيع معاهدة " فرساي-Versailles "  في 28 يونيو 1919، وهي المعاهدة التي  لقيت معارضة قوية من طرف الألمان انتهت بمحاولة انقلاب عسكرية  فاشلة في مارس 1920 ضد الحكومة التي أبرمتها .
و تضمنت معاهدة " فرساي" شروطا قاسية من بينها على الخصوص أداء تعويضات للأطراف المتضررة من الحرب، وقد أدى تأخر ألمانيا في دفع هذه التعويضات إلى احتلال القوات الفرنسية و البلجيكية  لمنطقة " الرور- Ruhr " الصناعية في 11 يناير 1923 وذلك للضغط على ألمانيا من أجل دفع ما تبقى في ذمتها من تعويضات مما دفع ألمانيا  إلى نهج سياسة الاقتراض حتى بلغت ديونها في أبريل 1921 ما مجموعه 138 مليون مارك ذهبي [7] .
وقد ساهمت هذه العوامل في تدهور الاقتصاد الألماني بالإضافة إلى الشعور بالإحباط و الإهانة لدى الأغلبية من الألمان الشيء الذي جعل ألمانيا تغير جذريا سياستها الخارجية التي بدأت تكرس كل جهدها من أجل إعادة النظر في معاهدة " فرساي " وشروطها  المجحفة.
وقد أثر هذا العامل بالإضافة إلى المنافسة القوية حول المغرب بين ألمانيا وفرنسا في شل العلاقات   والأنشطة الألمانية بالمغرب . فمنذ اندلاع الحرب العالمية الأولى شجعت ألمانيا عناصر المقاومة المغربية في الشمال و الجنوب ضد سلطات الحماية الفرنسية وأمدتهم بالأسلحة و العتاد، لذلك عملت ألمانيا في مؤتمر الصلح  المنعقد بباريس عقب الحرب العالمية الأولى وكذا عند توقيع معاهدة " فرساي" على الحد من النفوذ الألماني الشيء الذي دفع ألمانيا إلى التنازل عن امتيازاتها المكتسبة بموجب معاهدة الجزيرة الخضراء لسنة 1906.
و تنفيذا لمقتضيات معاهدة "فرساي" أصدر السلطان المغربي ظهيرا في 11 يناير 1920 يقضي بعدم السماح للألمان بدخول المغرب و الإقامة فيه إلا بتصريح من السلطان، ويحدد الحقوق التي يتمتع  بها الألمان و الشركات الألمانية في المغرب ، وأسند اختصاص تنفيذ هذا الظهير للمحاكم الفرنسية [8] .
وبصفة عامة فقد اتجهت السياسة الخارجية الألمانية خلال هذه الفترة إلى استعادة الوضع الدولي لألمانيا داخل أوربا، وكذا إصلاح الاقتصاد  الداخلي الشيء الذي يفسر فتور العلاقات المغربية الألمانية خلال هذه  الفترة .
الفقرة الثانية : العلاقات المغربية الألمانية خلال فترة الحكم الألماني النازي) 1933-1939 (:
تنازعت السياسة الخارجية الألمانية -عقب وصول الحزب الوطني الاشتراكي الألماني إلى الحكم في 30 يناير 1933- عدة تيارات هي [9] :
- تيار الاستعماريين الرجعيين المتأثرين بالأفكار القيصرية  القديمة، ويسعى أنصاره إلى الهيمنة على القارة الأوربية و استعادة المستعمرات الألمانية في ما وراء البحار و العودة إلى حدود سنة 1914 .
- تيار الاشتراكيين الثوريين الذين يمزجون في تصورهم للسياسة الخارجية الفكر القومي بالفكر الاشتراكي،  وقد نادى أتباع هذا التيار بفكرة  "رابطة الشعوب المضطهدة" بزعامة ألمانيا.
- تيار الفلاحين الراديكاليين الذي نادى بسياسة استعمارية مماثلة لسياسة المحافظين مع دعوته إلى التعاون مع بريطانيا من أجل استعمار مناطق في أوربا الشرقية.
لقد تأثر"هتلر" إذن بهذه التيارات الثلاثة في صياغتها للسياسة الخارجية الألمانية بالإضافة إلى تيارات أخرى كمقاومة "البلشفية" و العداء للسامية و التركيز على فكرة المجال الحيوي و التفوق العرقي، لذلك فقد كان ينظر في كتابه " كفاحي" إلى العرب مثل باقي الشعوب الشرقية نظرة الاحتقار.
لكن رغم ذلك نهجت ألمانيا النازية نفس نهج الدبلوماسية الألمانية التقليدية تجاه العرب، حيث كانت تحاول الظهور بمظهر الدولة المعادية للاستعمار مع أنها كانت تنادي بحقها في استعادة مستعمراتها التي فقدتها عقب الحرب العالمية الأولى.
وفي سنة 1937 نددت ألمانيا بالأساليب الفرنسية لقنع الحركة الوطنية المغربية، كما استطاعت الجمعيات الإسلامية في ألمانيا أن تجذب الطلبة  المغاربة إليها قصد الدراسة في ألمانيا و التنسيق بين أعضاء الحركة الوطنية " محمد الوزاني" و "محمد الناصري" و "عبد السلام بنونة " الذين تعاطفوا مع ألمانيا حيث أعرب  " أحمد بلفريج" مثلا عن ذلك.
إلا أن ألمانيا مع ذلك كانت تتحفظ في تقديم الدعم المباشر للحركة الوطنية لأنها كانت ترى أن مستقبل "الرايخ الألماني" يقع في شرق أوربا و ليس في جنوبها.
الفقرة الثالثة : العلاقات المغربية الألمانية مابين 1939-1941:
كانت هذه العلاقات ضعيفة جدا خلال هذه الفترة في منطقة المغرب العربي عموما، وذلك بسبب الأطماع الاستعمارية الألمانية التي  كانت تساند إيطاليا الفاشية.
كما أن ألمانيا لم تقف إلى جانب دول هذه المنطقة في مقاومتهم للاستعمار الفرنسي و الإسباني والإيطالي كما فعلت في المشرق العربي. لقد كانت ألمانيا تخطط لجعل المغرب العربي جسرا بين أوربا الجرمانية و المستعمرات الألمانية في أفريقيا الوسطى.
وقد ظهرت الأطماع بعد توقيع  الهدنة الألمانية- الفرنسية واحتمال قيام تعاون عسكري بين البلدين خلال سنة 1940 و1941 ، كما ظهرت هذه الأطماع في المطالب الألمانية المقدمة إلى فرنسا في 5 يوليوز 1940 التي تشمل الحصول على 8 مطارات في المغرب، كما اشترطت إسبانيا على ألمانيا في مفاوضاتهما لدخول الأولى الحرب اشترطت من بين ما اشترطت توحيد المغرب تحت حمايتها وتوسيع المنطقة الصحراوية التابعة لها حتى عرض 20 درجة [10] .
كما طالبت ألمانيا بالمشاركة في استغلال الثروات الاقتصادية المغربية أثناء المفاوضات التي أسفرت عن توقيع بروتوكول باريس في 28 ماي 1941 ، وطالبت أيضا بالتنازل عن بعض القواعد العسكرية المغربية ، إلا أن ألمانيا ما بين 1939 و 1940 عملت على كسب ثقة المغاربة وزعزعة ثقتهم في فرنسا وعرقلة تجنيدهم في الجيوش الفرنسية خاصة بعد انهزام هذه الأخيرة.
الفقرة الرابعة : العلاقات المغربية الألمانية مابين 1940 و 1945 :
إبان الحرب العالمية الثانية و ابتداء من سنة 1942 ستبدأ القوات الألمانية في الاندحار خاصة مع بداية إنزال الحلفاء لقواتهم في المغرب و الجزائر، مما دفع بألمانيا لاحتلال تونس و النزول بها و تركيز عملها السياسي على تحريض الحركات الوطنية بالمغرب و الجزائر ضد قوات الحلفاء.
إلا أن ألمانيا لم تتعاون بما فيه الكفاية مع قادة الحركة الوطنية بالمغرب حيث أبلغت وزارة الخارجية الألمانية في غشت 1941 قنصلها العام في تطوان بأن السياسة الألمانية نحو المغرب تحكمها الاعتبارات التالية :
                                    1.     متطلبات سير الحرب.
                                    2.     علاقات ألمانيا بفرنسا )بيتان( و إسبانيا )فرا نكو( .
                                    3.     عدم شمول التصريح الألماني الإيطالي الصادر في 23 أكتوبر 1940 المغرب.
       وفي 11 نونبر 1942 أعرب القنصل الألماني في تطوان  بعد ثلاثة أيام من إنزال فوات الحلفاء في المغرب عن نوايا ألمانيا تجاه المغرب ، حيث رفضت الحكومة الألمانية أن تصدر بيانا بشأن استقلال  المغرب على غرار البيان الذي صدر عن دولتي المحور بشأن استقلال دول المشرق العربي، وفي هذه الأثناء أبدى "الكلاوي" باشا مراكش استعداده للتحالف مع خليفة السلطان في الريف والتعاون مع ألمانيا، كما اتصل السلطان المغربي المخلوع المولى عبد العزيز بأحد ضباط الإستخبارات الألمانية في طنجة  و أبلغه أن ألمانيا أصبحت تتمتع بتعاطف قوي من الشعب المغربي محفزا إياها للخروج عن تحفظها وتصدر تصريحا تعترف بموحبه بإستقلال المغرب، وقد أكد عبد الخالق الطريس نفس الملتمس للقنصل  الألماني في تطوان  " ريختر-RICHTER " في نونبر 1942 مبديا استعداده للتعاون مع ألمانيا و السفر إلى برلين لتأسيس لجنة مغربية تتعاون مع الزعماء العرب المقيمين هناك.
و من جهة أخرى،اتصل أحد المقربين من البلاط الملكي بالقنصل الألماني"كروغر-KRUEGER " للتعرف على نوايا ألمانيا نحو المغرب بعد الإنزال الأمريكي، إلا أن هذا الأخير رفض تقديم أي تصريح  رسمي يتضمن وعدا سياسيا بشأن استقلال المغرب [11] .
فكما يبدو إذن  اتخذت الحكومة الألمانية موقفا صريحا من جميع هذه المحاولات، حيث كانت ترفض الاستجابة لأي مطلب وطني يتعلق بالاعتراف باستقلال المغرب لأن ذلك يتعارض مع مصالح فرنسا وإسبانيا اللتين كانتا محور اهتمام ألمانيا و ذلك  بهدف كسبهما في الحرب إلى جانبها.
الفقرة الخامسة : العلاقات المغربية الألمانية ما بين 1945 و 1956 :
تأثرت العلاقات المغربية الألمانية خلال هذه الفترة بإطارها السياسي العام، حيث قاد انهيار ألمانيا في الحرب العالمية الثانية إلى احتلالها و تقسيمها من قبل الحلفاء ، وأقيمت سنة 1949 جمهورية ألمانيا الإتحادية في مقابل جمهورية ألمانيا الديمقراطية في الجزء الشرقي من ألمانيا، وقبل ذلك أقيمت دولة إسرائيل على جزء من الأراضي الفلسطينية.
وهكذا فقد تطورت دبلوماسية ألمانيا الإتحادية و تعاملت مع الدول العربية ، لكن قيام ألمانيا الإتحادية بالموافقة على تحمل المسؤوليات القانونية المترتبة على ألمانيا النازية بغية التكفير عن "خطيئة" النازية تجاه اليهود، ترك تأثيرات سلبية كبيرة على الجانب العربي . و للإشارة فإن ألمانيا الإتحادية التي قامت إثر انهيار ألمانيا النازية سنة 1949 ظلت تحت سيطرة القوى الحليفة الغربية المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، وكانت حرية الحركة السياسية و القانونية للسلطة الألمانية الإتحادية محدودة جدا وخاصة ضمن مجال العمل في الشؤون السياسية الخارجية المرتبط بالقوات الحليفة [12] .
وقد حدد " ادناور كونراد" عقب انتخابه مستشارا إتحاديا في شتنبر 1949 في البيان الحكومي الأول لجمهورية ألمانيا الإتحادية هدفين مهمين ستعمل حكومته على تحقيقهما، وهما : الإندماج بالغرب ، و إعادة توحيد ألمانيا.
كما أن سياسة عدم الإعتراف بجمهورية ألمانيا الديمقراطية كانت إحدى الأولويات السياسية لألمانيا الإتحادية حتى عام 1965، وقد أقرت من أجل ذلك مبدأ"هالشتاين- Hall Stein " الذي يعتبر إقامة أي علاقة مع جمهورية ألمانيا الديمقراطية من قبل أي دولة ثالثة بأنه عمل غير ودي و يعطي لألمانيا الإتحادية الحق في فرض عقوبات تصل إلى قطع العلاقات الديبلوماسية مع تلك الدولة الثالثة .
و لابد أن نشير في هذا الإطار إلى اعتراف ألمانيا الاتحادية بإسرائيل عندما وقع المستشار"ادناور" اتفاقية " لوكسمبورغ " في 19 شتنبر 1952 يقبل فيها أن تكون إسرائيل شريكا في اتفاقية دفع التعويضات أي أن يتم دفع التعويضات لإسرائيل [13] .
فكما يتضح إذن ركزت السياسة الخارجية الألمانية كل جهودها خلال هده المرحلة من أجل إعادة تأهيل ألمانيا المقسمة، و عدم الإعتراف بألمانيا الديمقراطية و دفع التعويضات لإسرائيل . وهذا ما جعلها تنصرف عن علاقاتها مع الدول العربية عموما و المغرب على سبيل الخصوص إلى الأمور السالفة بانشغال أعمق و اهتمام أكبر، كما أن المغرب في هذه الفترة كان يصارع من أجل تحقيق استقلاله الشيء الذي اعتبرته ألمانيا يكتسي طابعا ثانويا ضمن الإطار العام للسياسة الخارجية لألمانيا الإتحادية .
المبحث الثاني: الجانب الإقتصادي في العلاقات المغربية الألمانية ما بين 1912 و سنة 1956:
يرجع المؤرخون تاريخ العلاقات الإقتصادية بين ألمانيا و المغرب إلى نهاية القرن السادس عشر، حيث بدأ التجار الألمان في زيارة المملكة الشريفة ابتداء من سنة 1605، كما أن دور التجارة الألمانية اهتمت بالمغرب و بمؤهلاته الإقتصادية حيت بعثت  دار " ويسلر- Wissler " ممثلها إلى فاس قصد شراء  الزعفران سنة 1506[14] .
و في سنة 1802 أبرمت مدينة "هامبورغ - Hambourg " أول اتفاق تجاري مع المغرب، وفي سنة 1890 أبرمت أول اتفاقية تجارية بين الإمبراطورية الألمانية و المملكة المغربية )اتفاقية فاتح يونيو1890( [15] حصلت بموجبها البضائع الألمانية على تخفيض في الرسوم الجمركية مقداره % 19 ، و أنشأت ألمانيا خطا بحريا بين الموانئ الألمانية و الموانئ المغربية، وبلغ وزن البضائع الألمانية التي يستقبلها ميناء الدار البيضاء سنة 1885 :34 من مجموع البضائع التي يستقبلها الميناء. كما بلغ عدد البواخر الألمانية التي ترددت على الموانئ المغربية 222 باخرة خلال عام 1898، كما قدمت ألمانيا قرضا للمغرب سنة 1905 قدره 10 ملايين مارك، وفي سنة 1906 حصلت ألمانيا على امتياز بناء ميناء طنجة وشاركت بقرض للحكومة المغربية مقداره 105 ملايين مارك عام 1910 وحصلت على 17% من أسهم شركة التبغ المغربية، كما بدأت الشركات الألمانية ذات الشهرة العالمية في الإهتمام بالمغرب، و نشير هنا على الخصوص مساهمة " كروب و " مان

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More