دراسة حولَ حقوق المرأة الأساسية تحت عنوان "علاماتٌ مُضيئة في أحكام القضاء العربي، حالةُ المغرب"، أعدّتها زهور الحر التي تشغل منصب قاضية مستشارة بمحكمة النقض، وحسن إبراهيمي قاض وباحث في القانون الدولي الخاص وقانون الأسرة بوزارة العدل والحريات، كشفت أنّ التجربة المغربية، فيما يتعلق بالأحكام المتعلقة بالأحوال الشخصية، "تشكل نموذجا رائدا ومثالا يُحتذى في العالم العربي والإسلامي".
وأرجعت الدراسة ريادة التجربة القضائية المغربية، في ضمان الحقوق الإنسانية للمرأة المغربية إلى جُرأة التعديلات التي تبنّاها المغرب في قوانينه في مختلف فروعها، والتي شكلت قفزة نوعية بوّأت المرأة المغربية المكانة اللائقة بها، وذلك في تماهٍ تامّ مع مبادئ الشريعة الإسلامية السمحة، القائمة على الوسطية والاعتدال والإنصاف والآراء الفقيهة التي تلائم تلك المبادئ وبين المعايير الأممية والاتفاقيات الدولية.
وإن كان المغرب قد قام بمراجعة التحفظات المتعلقة بالاتفاقيات العالمية لحقوق الإنسان، من أجل الرقي بحقوق المرأة، وكذلك مراجعة العديد من القوانين وملاءمتها مع القوانين الدولية، التي صادق عليها المغرب، بهدف إلغاء جميع مظاهر التمييز القائمة على أساس الجنس، وتنصيص دستور 2011 على مبدأ المساواة بين الجنسين، إلّا أنّ الدراسة ترى أن تفعيل هذه الإجراءات رهين باجتهادات القضاة.
وأشارت الدراسة إلى أنّ الرهان الأساسي معقود على القضاة، ومدى تشبعهم بالوعي الحقوقي والمرجعي الذي يساهم في إقرار التوازن، وتحقيق السِّلم الاجتماعي، واستقرار العلاقات بين الأفراد داخل المجتمع، "ففعالية أي نصّ قانوني لا تتحقق فقط من خلال جودة التشريع، وإنما أساساً من خلال مهارة القائمين على تطبيق أحكامه، وقد برهنت مختلف التجارب على أنه قد يكون النص متخلفا عن واقع المجتمع، وعاجزا عن الإلمام بكل النوازل، لكنّ القاضي بنباهته يستطيع تطويعَ النص، والبحث عن غايات المُشرِّع من وراء سنّه".
ودعت الدراسة إلى الاهتمام بالجانب البشري، من خلال تشجيع القضاة على الاجتهاد، وإدخال مقاربة النوع الاجتماعي، ومبادئ حقوق الإنسان وحقوق المرأة على وجه الخصوص في برامج التكوين والتكوين المستمر المعتمدة في المعاهد القضائية، كما دعت الدراسة إلى النظر في طريقة تقييم الأداء القضائي، وجعله مبنيا على جودة الأحكام، خاصة التي تكرّس اجتهادا نوعيا، وتحمي حقا من حقوق المرأة.
وفيما كان وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، قد كشف، يوم السبت الماضي، خلال كلمة له أثناء الندوة الوطنية حول حقوق المرأة على ضوء الاجتهادات القضائية، عن كون النساء القاضيات لم يستجبن لدعوة تمثيلهنّ في المجلس الأعلى للقضاء، دعت الدراسة إلى تشجيع المرأة القاضية وجعلها عنصرا أساسيا في تطوير المشهد القضائي، وذلك بإشراكها في مختلف المبادرات التي علاقة بموضوع المرأة، وتمكينها من مناصبِ المسؤولية بما يتناسب وإمكانياتها الفكرية، وبحجم تمثيليتها في المشهد القضائي المغربي.
0 التعليقات:
إرسال تعليق