click here

click here

Click here

Click here

Click here

Click here

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

Translate

آخر التعليقات

الخميس، 27 فبراير 2014

المعزوز: "الدولة الجديدة" مُطالبة بالانفتاح بعيدا عن مرجعياتها التقليدية



المعزوز: "الدولة الجديدة" مُطالبة بالانفتاح بعيدا عن مرجعياتها التقليدية

طالب محمد المعزوز، أستاذ الأنثربولوجيا السياسية، الدولة الجديدة اليوم بفهم "الانتقالات العميقة التي يشهدها العالم، باعتبارها تحولات فكرية وتكنولوجية وقيمية، مبرزا أنه "لا يشفع لهذه الدولة في الحفاظ على أسس التحصن بمرجعياتها وسلوكياتها التقليدية".
وبعد أن أبرز المعزوز، في مقال نقدي خص به هسبيرس، أن "العالم اليوم يتجه نحو "تقويض الدولة" بمجاوزة ما يسمى بالسيادة أو إلغائها"، أكد أن "استيعاب تلك الانتقالات يتطلب من الدولة الجديدة في بلادنا انفتاحا شموليا على منظومة فكرية وعلمية تنظر للإمكان الضروري في تغيير الأسس النظرية والتنظيمية للدولة".
وهذا نص مقال المعزوز كما ورد إلى جريدة هسبريس الإلكترونية:
مقاربة في نقد "الدولة الجديدة"
"الدولة التي تقوم على المعرفة لا تندثر أبدا"
كتب Fernand Braudel مقالته الشهيرة (1958) "التاريخ والسياسة" لتنبيهه إلى توقف الفكر الذي انحمل على التشظي والتجزيء، ومن ثمة وقوعه في أحبولة الوهن والعجز. فتحصل لديه كما هو مقرور في مقالته، انتشار ظاهرة "تكرار الأفكارفي السياسة" نتيجة عقم الاجتهاد الفكري وطاعون الاكتفاء ب "حدثية اليومي" وأوهام "الظهورية" المضللة وبلادة اللغة السياسية". لاحظ خلال هذه الأجواء صعود فئة من الماكرين يحسنون الالتفاف على الأفكار والمواقف ويتقنون تكرارها واستعمالها طلبا لموقع جذب من طرف السلطة والمجتمع. لذلك اعتبر هذه الشريحة أبشع فتك بالفكر والسياسة وأشد إيذاء ونسفا للدولة.
تحيلنا هذه الإشارات المكثفة على "الكلية السياسة" في بلادنا ضمن انحسار شامل لأية خلفية فكرية أو صرامة علمية ضابطتين لمختلف تمظهراتها المعلنة والمضمرة.
وفي ذلك يمكن أن نتناول مكون "الدولة الجديدة" من حيث سهوها عن الاحتماء بالأسس الفكرية في التدبير وانحباس حركيتها في دائرة جامدة ليست بالحيوية.
فالبرغم من سعيها الحثيث إلى الانفتاح على الحداثة واحتضان القيم العامة للديمقراطية، فقد غفلت عن التمرس ببناء فكري ومقتربات علمية توجه عملها وتحتر قصودها المستقبلية.
لقد وقعت "الدولة الجديدة" في العشرية الأخيرة في متاهات تجريبية تتراوح ما بين الخطأ والصواب. الشيء الذي ما فتئ يُفوتُ عليها فرصة تحصيل منظومة تراكمية للقيم متقومة بشرط البناء الموضوعي في ترسيخ الأسس الحقيقية للديمقراطية والحداثة.
قد يكون الاستشهاد بهيأة الانصاف والمصالحة، ومدونة الأسرة والدستور الجديد...، محاولة لإبطال هذه الدعاوى؛ ولكنه استشهاد مردود عليه باعتباره يندرج ضمن محطات منقطعة وإجراءات / ردود أفعال إزاء ظروف منعزلة تدخل في سياق "طوارئ الحدث".
وعليه، فهي لا تعتبر تراكما سياسيا. إن التراكم السياسي مستحصل بشرطين لازمين.
أولهما، استحكامه بمقتضيات فكرية علمية قائمة على تقاطع الأفكار والمنهجيات، بحيث لا يسمح لدينامية هذا التراكم أن تزيغ عن مسالك أحكام هذه المقتضيات.
ثانيهما، إن التراكم موصول الحلقات. بعضها منفتح على بعض في حركية توالدية مستمرة يتحول معها الكم إلى الكيف والكيف إلى الكم، وهكذا... لذلك فهو تنتفي فيه إمكانيات الانقطاع والتجزيء.
إن سهو الدولة الجديدة، عن بناء قلاع فكرية صارمة في تدبير شؤونها وسياساتها أوقعها باطراد في الارتباك وإضاعة الطريق ما بين الرجوع إلى الوراء أو التوقف أو التقدم إلى الأمام. إنها تحيا "بالتكرار" ثم ب"العادة"، أو بما يعبر عنه بالاقتتات من مخزون منظوماتها التقليدية بعمق مخزني أصبح اليوم يتدثر بكثير من المرونة وقابلية التكيف. لكن هذا المخزون يخطو اليوم، اضطرارا في اتجاه الشح والنضوب. ومن ثمة الأفول، مالم تراجع الدولة منزلتها بنقد ذاتها وبقبولها لنقد الآخر. ومن أهم عتبات هذه المراجعة النقدية مايلي:
1. مدى إرادة الدولة في القطع مع الشخصنة والعائلة، مما يفرض مراجعة شاملة لمنزلة القائمين على تدبير أمور الدولة وشبح الوسطاء والعائلات النافذة والمتحكمة. إن الأفق الصحيح للدولة هو اجتهادها في مأسسة الديمقراطية وفق منظومة فكرية وسلوكية موجهة، لامكان فيها لإرادة الأشخاص والعائلات والأنساب.
2. إن القوة الحقيقة للدولة هي استعدادها للانفتاح على النخب المفكرة والعالمة القادرة على الربط الجدلي مابين الفكر والممارسة، وعلى فهم حركيات التاريخ والمجتمع والإنسان، في أفق تحصيلها للبدائل العلمية وحسن تدبيرها العالم لشؤون الدولة السياسة.
إن هذا الاختيار كفيل بالقطع الحتمي مع ما أسماه بروديل بصعود فئة من الماكرين السياسيين وبتجدد النفوذ العائلي المهيمن على مواقع القرار، ثم النشاط اللاشرعي للوسطاء.
أما النخبة المفكرة ولايقصد بها نخبة التقنقراط كما اعتمدتها الدولة وقد اخطأت في ذلك كثيرا لسببين:
1. لأن نخبة التقنقراط لاتحمل مشروعا فكريا أوسياسيا، إنها بعيدة عن الحدس وعاجزة عن التحليل الجينيالوجي والاستباق الفكري للقضايا الاستراتيجية الكبرى.
إنها مجرد نخبة تقنية قادرة على التخطيط الضيق والتنفيذ.
2. خطأ تنصيب التقنقراط نخبة بديلة للفكر والإيديولوجيا بهدف محو الفاعل السياسي والحزبي والمثقف الوظيفي المتعالي عن كوابح التقليد.
من نتائج هذا الاختيار تبخيس أولوية الفكر والسياسة والتضييق على مبدأ الاختلاف والتعددية ونقض الديمقراطية بتسفيه المرجعيات الايديولوجية والمشاريع السياسية المتنافسة في اتجاه التداول بالاستحقاق على السلطة. ومن تجليات هذا الخطأ وصحة تصورنا للمسألة، عجز نخبة التيقنوقراط لحد الآن عن إيجاد البدائل التقنية، كما هو منتظر منها لاشكالات التنمية ومايرتبط بها من أزمات اقتصادية واجتماعية.
لقد تلازم هذا الخطأ بخطأ أفدح منه وهو اجتهاد ا لدولة الجديدة في دعم صعود فئة من الماكرين السياسين الذين يحسنون بلغة بروديل الالتفاف على نتف الأفكار والمواقف ويتفنون في تصريفها ويدعون،إزاء ذلك امتلاك ناصية الفكر وقواعد النظر في السياسة وشؤونها.
إن صعود هذه الفئة حدث بتدرج من إطارات مختلفة أهمها إطار الأحزاب في بلادنا.
وبمراكمتها لتجربة المناورة ورغبتها في الانجذاب الطوعي إلى السلطة، قبلت بلعب مختلف الأدوار والاجتهاد في أدائها، بما في ذلك لعب دور الوسيط ما بين الشيطان والشيطان. يقول LUC Roubanقد يبدو بروز هذه الشريحة من الوسطاء مسألة عادية، حاضرة في كثير من الأنظمة السياسية. ولكن المسألة غير ذلك، بوصفها أولا منعدمة في الأنظمة الديمقراطية والشبيهة بالديمقراطية، وبكونها ثانيا قادرة على الضرب في العمق منزلة الدولة ومشاريعها السياسية، لأن دور الوساطة الذي تلعبه ما بين الدولة والمجتمع دور غير مؤسساتي، يقوم على الفردانية المتشبعة بالتضليل واستغلال قرابتها من صناع القرار للتمويه والانتفاع الذاتي. لذلك فسيكولوجيا هذه الشريحة حسب LUC Rouban سكيزوفرينية تبطن ضد ما تظهره، وغير متحرجة من ادعائها امتلاك المعلومة والمعرفة، وسرعة انخراطها في المواجهات الفجة. إن تماهيها مع السلطة جعلها أكثر سلطوية وغطرسة من السلطة ذاتها. من هنا يأتي أثرها السلبي على تمثلات المجتمع للدولة ولرجالاتها، ومن مظاهر هذه التمثلات فقدان الثقة في الدولة نفسها وحدوث العداء وتعميق الكراهية المستدعية للتطرف.
إن الدولة الجديدة مدعوة اليوم إلى فهم الانتقالات العميقة التي يشهدها العالم، وهي تحولات فكرية وتكنولوجية وقيمية...لا يشفع لها في الحفاظ على أسس التحصن بمرجعياتها وسلوكياتها التقليدية...إن العام اليوم يتجه نحو "تقويض الدولة" بمجاوزة ما يسمى "بالسيادة" أو إلغاءها. وهو الأمر الذي دفع تشومسكي إلى الاعتقاد بأن الدولة تسير إجباريا، وعلى نحو محتوم، إلى نهايتها. هناك اليوم مؤشرات عولمية تؤشر على فقدان الدولة لبعض اختصاصاتها وحقها في السيادة الكاملة واستقلالية قراراتها.
إن وعي هذه الانتقالات وفهمها يتطلب من الدولة الجديدة في بلادنا انفتاحا شموليا على منظومة فكرية وعلمية تنظر للإمكان الضروري في تغيير الأسس النظرية والتنظيمية للدولة، بما يتلاءم ومقتضى تحول خريطة تطور المجتمعات والمطلب المتنامي بالديمقراطية في أعلى درجاتها.
إن زمن السياسة بوصفه زمنا قصيرا، حسب بروديل، كان على الدوام محطة استنفار للدول الذكية لتعديل مسارها واستكشاف مسلكيات جديدة تخرجها من أنفاق تكرار ذاتها وسقوطها في الوجود ب"العادة"، فكان الأمر يقتضي منها فهم علاقة زمن السياسة بزمن التاريخ وزمن الأنساق الاجتماعية والاقتصادية ضمن سلم عام أساسه الانسان المتحول المستجلب، بداهة، لبلوغ فهمه، كل صنوف الفكر المتقاطع والنظر المتبصر بمكنون حركية التاريخ والمجتمع.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More